التجربة الأولى: أن تكون معلم للأطفال

تجربة: أن تكون معلم للأطفال


 كنت متحمسة جدا لخوض هذه التجربة حتى إنني كتبتها ضمن قائمة الأشياء التي أريد فعلها ولكن!

ولكن اكتشفت أن هذا المجال لا يناسبني بتاتًا. 

تعليم الأطفال هي التجربة التي وضعتها في قائمة الأشياء التي أريد فعلها ولكنني فشلت في هذه التجربة لعدة مدخلات بعضها أنا غير مقتنعة به وبعضها بسبب شخصيتي. 


أحب العمل في مكان هادئ ومع أشخاص لديهم معرفة عالية جدا في تخصصهم. 

في البداية عندما تقدمت لهذه الوظيفة اعتقدت أنه كمركز الرعاية النهارية للاطفال لكن تحت اسم الروضة كما في نظم التعليم المتطور تحظر الكتابة على الاطفال الأقل من ست سنوات. الأطفال يجب أن يتعلموا باللعب والتسلية والواجبات ممنوعة ولكن بعض أولياء الأمور متخلفين للأسف ويريدون من أطفالهم بالعمر الرابعة والخامسة أن يكتبوا. 

هل نرسل ابننا ليلعب؟ 

لو سألتني هذا السؤال كانت اجابتي هي "نعم". 

ولكن الاجابة بالنسبة لهم كانت من المفترض أن تكون "لا". 

صدمت من هذه الحقيقة وشعرت بالاسف باتجاه هؤلاء الاطفال الذين من المفترض أن تكون أمهاتهم متعلمات ومثقفات ولكنهم بعقول الأجداد. عدم رؤية تطور ملحوظ في الجيل الذي ينجب الاطفال حاليا وهو جيل الثمانيات والتسعينات هو شيء مؤسف جدا، أتعجب من أم من مواليد التسعينات وكأنها خرجت توّا من الكوخ مصيبة كارثة. 

كم كنت أتمنى أن المليار التي دفعت لأجل اخراج أجيال جديدة ومتخلفة أن تدفع على تطوير وتعليم عقول الأباء والأمهات العاجزين تماما عن تربية أبنائهم من الناحية الدينية والعلمية. 

أباء وأمهات بالاساس غير صالحين لانجاب أبناء من خلال ما رأيته. طبعا كنت غبية جدا ولا أعرف المجتمع الليبي - كنت بعالم الخيال - ولكن المثير جدا هو أن تتعامل مع أطفال اعتادوا على تعنيفهم وضربهم أطفال لديهم مشاكل نفسية بحاجة للعلاج العاجل، أطفال اعتادوا على أسلوب الحِمار والجزرة. 

المدارس في ليبيا تحتاج لكل مدرسة طبيب نفسي متخصص في الأطفال ومرشد تربوي للوالدين والمعلم وأن تصرف المليارات لعلاج هؤلاء الأطفال نفسيا ولتربية أباءهم وأمهاتهم من جديد. 


واذا كنت ترى أن الزواج هو الشيء الذي يجب دعمه لانه يجب صرف هذا النوع من الشهوات التي تسيطر على عقول وقلوب بعض الناس لدرجة العبادة أو الادمان على أشياء محرمة أخرى. 

كان يجب دعمهم نفسيا وعقليا قبل الزواج أن يؤهل ويعطى شهادة تدل على أنه يستحق منحة الزواج وأن يؤهل ليتحصل على شهادة تؤهله للانجاب والتربية. 

نحن في زمن حيث الفيسبوك يربي الأباء والأمهات وثم تيك توك يربي أطفالهم معظم من تعرفهم بالتأكيد من النساء والرجال يقضي وقته على مواقع التواصل الاجتماعي التي مساوءها أضعاف أضعاف حسناتها. 

التربية الدينية شبه منعدمة لا الأب ولا الأم لديهم الوقت ليجلسوا مع أطفالهم وتعليمهم إما لأنهم مشغولون بالعمل أو لأن الأم تطبخ وتنظف وتتصفح الانترنت أو لأنها مهتمة بالطلعات والنزلات وأيضا لأنها تكدس الأطفال وليس لديها الوقت للأطفال الذين هم في عمر الخامسة وهو العمر الذي تصقل فيه أخلاق وسلوكيات الطفل وترسّخ والأب مشغول بالصحبة والعزومات والمقاهي. لماذا ينجب أحدهم أطفال اذا لم يرغب في تخصيص وقت لهم وتربيتهم؟. 


في الروضة التي كنت أعمل بها كانت المديرة جداً مهتمة بالجانب الديني بارك الله فيها ومهتمة بتحفيظهم القرآن والأذكار والعقائد وهو شيء نادر ولكن المعلمات كانوا ليسوا مهتمين كثيرا ولذلك كانت دائما بحاجة لتذكيرهم بأهمية التربية الدينية، من الصعب أن تجد حتى معلمة مهتمة وهؤلاء المعلمات هن أمهات لأطفالهن يلا العجب!.


التعامل مع بعض الأطفال كان صعب جدا نتيجة لظروف التربوية التي يمرون بها وأيضا ترى نوع الأكل الذي يأكله الأطفال يحطم قلبك. 

وعندما أجد افطار بعض الأطفال صحي أفرح كثيرا وأحاول نصحهم وأمدح كل من وضع أكل صحي في حفاظته.

لذلك في أحد الأيام جاء أحد الأطفال لي وقال انا أكل الطعام الصحي وأكل التمر صدمت لأنه ركز على مدحي لأحدهم لأنه وُضِعَ في حفظاته طعام صحي. 


وتجد بعض الأطفال يتعاملون مع أنفسهم كأنهن أميرات وبعضهم كأنهم فرسان بطريقة عجيبة وتبقى متساءل، بعضهم هادئ لدرجة مخيفة ولا يتحرك وعندما تجده يعلب أو منسجم تفرح كثيرا، وترى أثار تربية الأباء والأمهات وكيفية التعامل معهم. 

يوجد فتى يعجبني كثيرا ويبدو حسب كلامه أن والده مهتم به كثيرا ويعلمه الكثير من الأشياء عن الحياة لذلك هو متقدم كثيرا عن الأطفال الآخرين لدرجة اعتقدت أنه أكبر منهم وصدمت عندما علمت أنه أصغر منهم وعمره فقط 5 سنوات ولكن عمره العقلي 7 سنوات - ما شاء الله - 

هنا تلاحظ الفرق في التربية وكيف يتعامل الوالدان مع أطفالهم، احدى الطلاب منذ أن رأيته قلت يبدو أن والده شخص عنيف واكتشفت المديرة أن عائلته تضربه بالعصا، ألا يبدو مخيفا أن يرى الأخرون أنك وحش مع أطفالك ومن خلالهم مهما دللتهم بالماديات فهي لا تعوض الضرر الجسدي والنفسي طيلة الحياة. 

أطفال مشوّهون. 

أعتقد بأني كنت في كوكب آخر رأيت أمهات يضربون أطفالهم أمام الجميع، يصرخون بهم، والكثير والكثير من الأخطاء التي تجعل من الأطفال بالغين مشوّاهين نفسيا لا يجيدون التعامل مع أنفسهم ولا يحبون أنفسهم ومن أبسط الأمور التي يتعرضون لها كأن يدخلوا في علاقة حب يخرجون منها محطمين نفسيا بالكامل لأنهم لم يعرفوا كيف يحبوا أنفسهم ويتقبلوا أنفسهم كما خلقهم الله وتتعقد أمور حياتهم وتسوء علاقتهم بمن حولهم. 

يدخلون متاهات الامراض النفسية ويعلقون بها لان أهاليهم لن يتطوروا أبدا مهما تقدم الزمن في عوض أن يعالجوا أنفسهم نفسيا يذهبون لعلاج أنفسهم خارجيا من تغيير شكلهم إلى تغيير جنسهم. 


ان نفسية الطفل هي أهم شيء في هذا الكون وهي أكثر الأمور تعقيدا. 


كنت أتابع يوتيوبر يابانية أُم وتعمل عمل حر وتتعلم في نفس الوقت في المنزل (Kimono mama) في احدى المرات قالت " أنا أقلق أن تؤثر بعض من تصرفاتي الفجاءية على نفسية ابنتي" كأن تغضب فجاءة أو تصرخ فجاءة، قالت لها احداهن في التعليقات أنا جدة الآن ولذلك لا تقلقي من هذا فإنهم فقط يتذكرون اللحظات السعيدة، بالتأكيد عندما تكون شخص مراعي فإن هذه التصرفات الغير دائمة لن تؤثر في نفسية الطفل ولكن السلوكيات والتصرفات السيئة والدائمة هي التي تؤثر في نفسيته وتشكّلها. 

في كل مرة أتعلم شيء في علم النفس أنصدم من مدى تأثيرات الذي يقوم به الوالدين على الأبناء، التي يظل يعاني منها الانسان بدون أن يدرك أصل المشكلة بدون أن يدرك أن هذا ليس طبيعياً. 

أعجبني حرصها على نفسية ابنتها في حين هذا نادر جدا فمعظمهم يميل إما لدلال المفرط وقد يكون ممزوجا بالعنف اللفظي أو الجسدي أو اقصاء الطفل نهائيا فقط جعله آلة تأكل وتشرب وتلبس ويتذمرون منه عندما يريد اثبات وجوده فيعنفونه ويقصونه أكثر. 


يبدو أنني لن أستطيع التوقف عن الكتابة في هذا المجال الذي أجهله تماما ، أحاول سماع بعض الدورات من حين لآخر ولكن ليس لدي الوقت الآن لفعل شيء يتطلب الكثير من العلم والعمل. 

ولم أستطع الاستمرار في هذا العمل بدون مستشار نفسي ومرشد تربوي لأنه ليس لدي الوقت للاطلاع والبحث في هذه الأمور وهذا يحتاج عين خبير في الحقيقة لتعامل مع هذا التعقيد في نفس الطفل حيث أن تقويم السلوك يأخذ وقت أكثر من تخريبه. 


شكرا لقراءتكم.





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة: أنس شوشان ‏

اصحاب السبت

ذكريات متشابكة #1